-->

التسميات [posts7]

إغلاق القائمة

وهم زواج المغتربين

وهم زواج المغتربين
    من اكثر الاشياء التي سماعها يهتز بقلبي، يسقط ما بي من حلاوة السفر .. أسمعه بين الحين و اﻷخرى. إنه صوت فتاة في اولي سنوات العمر وبداية عشريناتها ، وهي تبكي في حرقة كبيرة تتشقق له اﻷكباد وقد حسبت قلبها كذلك. صوت يعلو من احد جالس بالكرسي الخلفي من ورائي بالطائرة المتوجهة من العاصمة السويدية ستوكهولم إلى المغرب. أخذني الفضول، فالتفت ﻷسألها علي ما بها، بعدما طال أمد الحزن في ساعة من الزمن كانت فيه الطائرة هي اﻷخرى قد شقت الجو. فسألتها ما بك أختي؟
    في شهيق ومحنة بادية على تقاسيم ميحاها المنهك، أجابت الفتاة “التحقت بزوجي الكردي ، والبالغ من العمر سبعة وأربعين عاما ، “. كانت الشابة المغربية تعتقد أن الحياة تكتمل في أي زيجة ما، معتقدة أن اﻷهم هو تقاسم الدين بين الزوج. “لم أكن أدرك قبل تجربتي الفاشلة وان اللغة والتقاليد هما كذلك عاملان مهمان في جزء يكمل بدوره الثقافة التي ترسم هوية اﻹنسان في علاقاته مع اﻵخرين”. حديث أوحى للمستمعين من ركاب الطائرة أن خديجة، ذات اﻹثني وعشرين سنة، تحمل مؤهلا تعليميا و ثقافيا يعكس وعيها المتمثل في طريقة سردها لقصتها الحزينة، والجمع الذي شدته حكايتها تلك. “كنكره راسي”.. تصرخ هذه اﻷخيرة في حسرة.. استقبلته عائلتي ببيتنا حتى تم زواجنا فالتحقت به إلى السويد بعد ستة أشهر”، تندب هذه اﻷخيرة حظها. “كان يعاملني معاملة عادية في الشهور اﻷولى، وسرعان ما أصبحت حياتي معه في جحيم” تتابع خديجة حديثها بالقول “كان زوجي يشتغل بالليل،
    إذ كان يخرج من البيت كل مساء في الساعة التاسعة مساء عدا يوما في اﻷسبوع، وﻻ يعود إلى البيت إﻻ في الساعة التاسعة صباحا، فينام اليوم كله حين الساعة السادسة مساء”. وتردف خديجة “كنت أعيش طيلة مدة إقامتي بالسويد هكذا”، مازالت تتقطع بها الكلمات وهي تتحدث عن مصيرها الرمادي قائلة: “كان يغلق الباب علي أثناء انصرافه للعمل.. لم أعاتبه قط.. يضربني.. لم أكن أعرف أن اﻷكراد يكرهون العرب بالفطرة.. تتساءل خديجة في صيحة أخرى. تعاود الحديث في مرارة: “اتفقنا على أن يلتحق بي إلى المغرب، وفور ركوبي الطائرة بعث لي رسالة مفادها “ﻻ ترجعي ﻷنك طالق يا حلوة يا مغربية”.. مازالت خديجة تحدق النظر في الركاب، وشهيق عميق يلاحقها، حيث ﻻ تعرف لها اﻵن زفيرا من شهيق، وهي ما زالت تمعن النظر بلا تركيز، ليغمى عليها بعد ذلك. وكأن الناس هنا يريدون الثأر ﻷختهم المغربية بعد إسعافها.. ﻻ يجوز هذا، اللهم إنا هذا لمنكر! تصيح إحداهن، و أخرى مازالت تؤكد أن القانون السويدي ﻻ يسمح بهذا العبث، لكن! للأسف الفتاة لم تستكمل ثلاث سنوات للحصول على اﻹقامة الدائمة” تؤكد المرأة. وأخرى من بني جلدتها تأخذها عاطفة الهوية لتصيح في صرخات بلهجة مراكشية “مسكينة هزها الما دابا”، معارضة السيدة اﻷخرى في موضوع اﻹقامة والمدة، حيث تصر أن المدة خمس سنوات إن كان زوجها ﻻجئا. لحظات ويهتف صوت خاشع بذكر الله من عجوز مغربي الشيخ با حماد، وهو يقرأ آيات بينات من سورة ق، يبدو أنه من سوس العزيزة. بسم الله الرحمن الرحيم،
    “ولقد خلقنا اﻹنسان ونعلم ما توسوس به نفسه، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد”.. قراءة أظهرت ما بنفوس المسلمين من المغاربة من خير، وبعضهم تناثرت منه قطرات من الدمع. مازالت النسوة من ركاب الطائرة يحضن الفتاة، والكل يعدها المساعدة رجاﻻ و نساء،
    يحكين للجمع قصص مغربيات وعربيات أخريات في السويد، خدعن بنفس الطريقة باسم الزواج ، محذرات بعضهن أن ينبهوا بنات أهاليهم و ذويهم تحديداً من الاكراد كونهم يكرهون العرب بالفطرة كما وصفت. أما جمع العرب من الشباب اللذين كانوا يركبون معنا الطائرة فقد خرسوا في صمت، كأنهم مستحيون مما حصل. وما إن وصلت الطائرة حتى ارتمت فتاة مغربية في أحضان أحدهم يبدو أنها كانت تنتظره في شوق بغرفة اﻻستقبال، وهي تصرخ في لهجة مغربية “توحشتك ألعمر”.. أما خديجة فقد ارتمت في حضن أبيها شبه العجوز في حزن تحت أعين مستعطفيها، وهي لا تزال تنخر الكلمات في صمت.

    admin
    writer and blogger, founder of Arab Migrant- Travel Any Where .

    Related Posts

    مشاركتك بالتعليق تعنى أنك قرأت بروتوكول نشر التعليقات على الحدث السابع، وأنك تتحمل المسئولية الأدبية والقانونية عن نشر هذا التعليق
    بروتوكول نشر التعليقات من الحدث السابع
    تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة ومصداقية الخبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.